استذكرت جامعة الجزائر1 بن يوسف بن خدة، الذكرى الـ60 لحريق المكتبة الجامعية (7 جوان 1962) بنشاط ثقافي مميز، وذلك من خلال جملة من الفعاليات احتضنها هذه الصرح العريق الذي تعرض لأبشع جريمة من منظمة الجيش المسلح السري الفرنسي، عشية استرجاع السيادة الوطنية يوم 5 جويلية 1962، والذي كان ضحيتها تدمير جزء كبير من مبنى المكتبة وحرق وإتلاف ما يزيد عن 400 ألف كتاب، ولم ينج من هذه المحرقة سوى 200 ألف كتاب.

 وفضلا عن المعرض الذي أقيم بأحد أجنحة المكتبة الجامعية عن هذا الحريق، حيث تم عرض خلاله شواهد حية لكتب ومؤلفات طالتها الجريمة، وكذا عرض شريط وثائقي قصير يخلد هذه الجريمة ولوحات فنية لطلبة من كلية الحقوق، فإن الندوة العلمية التي نشطها نخبة من الأساتذة وهم محمد الأمين بلغيت، وعلي تابليت والباحث عمر حاشي، جلبت لها اهتماما كبيرا، حيث استعرضوا الدوافع الخفية التي جعلت المنظمة السرية الفرنسية تقدم على جريمتها الشنعاء وبتواطؤ من المسؤولين الفرنسيين يومها، خاصة وأن الحريق استهدف أهم وأنفس الكتب والمخطوطات التي كانت تزين رفوف المكتبة، خاصة أرشيف ووثائق الدولة الجزائرية الذي تم الاستيلاء عليه من قبل.

وحضر الندوة العلمية التي كانت تحت عنوان "دوافع حريق المكتبة الجامعية" عدد من الضيوف المميزين على غرار الشاهد العيان الذي عاش أطوار الجريمة وهو الذي كان يعمل بالمكتبة يومها السيد خندق ساعد، وأول محافظة لهذه المكتبة العريقة بعد الاستقلال المجاهدة بن قدور زوليخة، بالإضافة إلى البروفيسور سعيد بومعيزة مدير جامعة بوزريعة أبو القاسم سعد الله.

 وقد أشرفت على إعطاء إشارة الافتتاح الرسمي لهذه الندوة، البروفيسور مدافر فايزة، نائبة رئيس جامعة الجزائر1 المكلفة بالبحث العلمي والدراسات العليا. كما كان لمحافظ المكتبة الجامعية الحالي طايحي ساعد والسابق عبدي عبد الله، مداخلات مقتضبة عن جريمة حرق المكتبة الجامعية.

 ولدى تقديم شهادته، قال الشاهد العيان على الحريق السيد خندق ساعد، أنه ورفقة حوالي 10 عمال جزائريين كانوا يشتغلون يومها، كانوا يحملون ويهربون الكتب التي نجت من الحريق والإتلاف بعد تدخل رجال الحماية المدنية لإخماد الحريق الى قبالة المكتبة، وذلك قبل أن يتم ترحيلها إلى الساحات المحاذية لكيتاني ليتم عرضها لأشعة الشمس حتى تجف بعد أن تبللت بفعل مياه رجال الإطفاء.

 وكان اختتام هذه الفعاليات المخلدة للذكرى 60 لجريمة حريق المكتبة الجامعية، بزيارة استكشافية لعدد من طلبة جامعة الجزائر1 يمثلون كلياتها، إلى مخازن وأجنحة هذا الصرح العريق الذي تم ترميمه وأعيد فتحه عام 1968، بعد أن تم ترحيل الكتب التي نجت من الحريق والإتلاف إلى ثانويتي عقبة والأمير عبد القادر.

 وقد استفاد زوار المكتبة الجامعية من الطلبة، لشروحات وافية حول طريقة تخزين واستغلال الكتب والمراجع من طرف الموظف بن جودي الربيع. كما تعرفوا عن قرب وتصفحوا بعض تلك الكتب والعناوين التي نجت من المحرقة.

 تغطية: حسين زناقي

تصوير: رفيق بوسالم